إطلاق إمكانات الصكوك في تمويل التنمية المستدامة في سلطنة عمان

بينما ترسم سلطنة عُمان مسارها نحو مستقبل طاقة أكثر إخضرارًا، بما يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs) وتعزيز اقتصاد مرن تجاه المناخ، فإن التحدي المتمثل في تمويل هذا التحول بطريقة مستدامة يلوح في الأفق بشكل كبير بالنسبة لاقتصادنا المتواضع الحجم. وتؤكد التكلفة التقديرية التي تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات الأمريكية، على حجم الاستثمار المطلوب، فعلى سبيل المثال، تهدف صناعة الهيدروجين الأخضر الناشئة في عمان وحدها إلى استثمار 40 مليار دولار بحلول عام 2030. وعندما نأخذ في الإعتبار تكاليف إزالة الكربون من مختلف القطاعات وتطوير البنية التحتية المقاومة للتغيير المناخي، يصبح الرقم الإجمالي خياليًا. 


وإدراكًا لهذا التحدي المالي، تؤكد حكومة السلطنة، من خلال وزارة المالية، على الدور المحوري للتمويل الإسلامي، وخاصةً الصكوك، في دعم هذا التحول الهائل نحو مستقبل مستدام. ويحدد إطار التمويل المستدام الذي تم الكشف عنه مؤخرًا نية إصدار سندات أو قروض أو صكوك خضراء واجتماعية ومستدامة للمشاريع التي تحقق منافع بيئية واجتماعية.


ويعمل التمويل الإسلامي، المستدام بطبيعته، على مبادئ وأسس مثل تقاسم العائد، والأصول الأساسية الملموسة، وتجنب المعاملات المالية البحتة، حيث يُشار إلى التمويل الإسلامي في كثير من الأحيان بإسم "الاستثمار المسؤول"، ويتشارك التمويل الإسلامي قواسم مشتركة مع مبادئ البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG).


ويكمن مفتاح إطلاق العنان للتمويل الإسلامي المتوافق مع الشريعة الإسلامية في الاستفادة من سوق رأس المال الإسلامي العماني، الذي تم تأسيسه في عام 2012 بموجب الإطار التنظيمي للصيرفة الإسلامية. وقد شهد السوق، الذي يتمحور في الغالب حول الصكوك (السندات الإسلامية)، نموًا ملحوظًا منذ نشأته، حيث قامت كل من الشركات الخاصة والحكومة العمانية بإصدار صكوك مقومة بالريال العماني والدولار الأمريكي.
ونظرًا لحجم التمويل الكبير المطلوب لمبادرات الطاقة الخضراء في سلطنة عمان، فقد لا تفي البنوك المحلية بالغرض، تاركةً سوق رأس المال كوسيلة فعالة لجمع الأموال اللازمة من خلال السندات المستدامة أو الصكوك. وفي حين أن معظم الإصدارات المقومة بالريال العماني، تخاطر باستيعاب السيولة في سوق مقيدة، فإن إصدارات الصكوك المقومة بالدولار توفر الوصول إلى مجموعة واسعة من المستثمرين المتوافقين مع الشريعة الإسلامية. ويمكن إصدار هذه الصكوك بموجب اللائحة (S) لاستهداف الصناديق العالمية، مع خيار الاستفادة لاحقًا من السوق الأمريكية من خلال S144A.


تتمتع الصكوك المقومة بالدولار بالقدرة على اجتذاب المستثمرين المسلمين وغير المسلمين، كما هو الحال عالميًا، مما يعكس شعبيتها على نطاق أوسع. وقد يتجنب المستثمرين المتوافقين مع الشريعة الإسلامية السندات التقليدية حيث أنهم يفضلون أدوات مالية مبنية على المبادئ الإسلامية. 
وفي سلطنة عمان، تبدو آفاق التمويل المستدام القائم على المبادئ الإسلامية واعدة، خاصةً عندما يتم توجيهها نحو مشاريع خضراء ومستدامة بطبيعتها وتتسق مع استراتيجية عمان إلى صافي الصفر وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ويمكن للمبادرات المتعلقة بمصادر الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والنقل الخالي من الكربون، وإدارة المياه تأمين التمويل من خلال أدوات مثل الصكوك الخضراء والصكوك الزرقاء.

إشعار الكوكيز (ملفات تعريف الارتباط)

يستخدم موقعنا الإلكتروني ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتعزيز تجربة المستخدم وتحليل حركة المرور على الموقع. باستخدامك لموقعنا، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط. لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بنا.